- arrow_back_iosالرئيسية
- arrow_back_iosسياسة
- arrow_back_iosمجتمع
- arrow_back_iosأخبار الساعة
- arrow_back_iosالعمق الرياضي
- arrow_back_iosالعمق TV
- arrow_back_iosمنوعات
- arrow_back_iosوجهة نظر
- arrow_back_iosمنتدى القراء
- arrow_back_iosأدب وفنون
- arrow_back_iosفرص العمل
- arrow_back_iosاقتصاد
- arrow_back_iosحوارات
- arrow_back_iosمغاربة العالم
- arrow_back_iosالمغرب العميق
- arrow_back_iosالأسرة
وجهة نظر
محمد سالم إنجيهالأربعاء 27 مارس 2019 - 21:17
الوثيقة العدلية وخطاب القاضي "تحريرُ الرِّقابِ من غُلِّ الخِطابِ"
إن الحقيقة التي لا غبار عليها أن الخطاب بوصفه تقليدا موروثا انتفت كل مسوغاته اليوم، بعد تجاوز النموذج التاريخي لقاضي التوثيق، بما عرفته المنظومة القضائية من تطور وتخصص، ومعها المهن المساعدة للقضاء، فلم يعد الخطاب في الوقت الراهن يكتسب قيمة مطلقا سوى التعقيد والوصاية، بعد تقنين شروط وضوابط الانخراط في خطة العدالة، وعلى رأسها حصولهم على شهادات عليا، أو اكتسابهم لخبرة ممارسة مهمة قضائية، مع التنصيص على ضرورة تلقي تكوين يخولُ أداءَ مهامهم على أحسن وجه، وتعيينهم رسميا من قِبل وزير العدل للقيام بمهمة التوثيق العدلي.
فالخطاب على الرسوم إذن ليس سوى شكلٍ من أشكال الوصاية غير المبررة على الوثيقة العدلية، التي تُحرَم بسببه من الفعالية، وتبقى رهنا لوتيرة أداءٍ ثقيلة ومُمِلَّة، تحول دون سرعة إنجازها مع الجودة التي هي الهدف الأساس، وتسليمها لأصحابها في آجال معقولة.
واليوم حيث باشرت وزارة العدل والهيئة الوطنية للعدول مناقشة تعديل قانون 16/.03 المنظم لخطة العدالة يجب أن يكون التعديل مراعيًّا للتطورات التي عرفتها الهيئة، ومستحضرا لمؤهلات السادة العدول العلمية وما أكتسبوه من خِبرات، فضلا عن مستجد ولوج المرأة إلى ممارسة المهنة؛ الأمر الذي يتطلب جرأة بالغة، وشجاعة فائقة، في صياغة قانون حديث يرتقي بالتوثيق العدلي بوصفه دعامة تثبيت الحقوق وحمايتها، والعمل على تجاوز كل ما ثبت عدم جدواه من الموروث؛ من الإجراءات والمساطر.
إن التمسك بخطاب القاضي على الرسوم العدلية ينافي دواعي التجديد، ومقتضيات التحديث التي تعرفها منظومة العدالة بالمملكة، وعليه لا بد من قرار حازم يخفف عن العمل القضائي ما لا طائل وراءه، ويُخلِّصه من وظيفة شكلية صارت إشكالية بالممارسة، لا تترتب عليها مسؤولية للقاضي، الذي لا يحضر مجلس العقد، ولا معرفة له بهوية المتعاقدين، ولا بالمستندات المعتمدة...
كما أن خطاب القاضي لا يحقق ضمانة للوثيقة تحميها من الطعن، ولا يوفر حماية للعدل من المتابعة، وإعلامُه بالأداء والمراقبة لا يتضمن قيمة مضافة، سوى تبخيسِ جهود العدول، وتعطيِل مصالح المواطنين بسبب انتظار الخطاب..
والشواهد والأدلة على ما ذكر لا تنحصر، فباستثناء حالات هنا وهناك من التجاوب العملي السريع بالخطاب على الرسوم في أوقات معقولة من قِبَل بعض القضاة، يعاني عدول كُثُر من تأخر هذه الشكلية، وقد تنشأ جرَّاء ذلك علاقات وسلوكيات منافية لصميم العدالة، ومباعدة لمبدأ الشفافية والاستقلالية..
لذلك من غير المقبول استمرار التلكؤ في تسريع إقرار إصلاح عميق للتوثيق العدلي، والاستجابة للمطالب المشروعة بإخراج قانون عصري دقيق ومتكامل يُقوِّي مركز الوثيقة العدلية، ويُؤَسس لمنطق ربط المسؤولية بالمحاسبة، اعتبارا لمؤهلات العدول التي لا تقل عن مؤهلات السادة القضاة غالبا..
لقد أشاد السيد المدير العام للضرائب بمستوى التفاعل الذي أبداه السادة العدول مع التطبيق الالكتروني الخاص بتسجيل العقود، بعد أن باشرت مصالح المديرية العامة للضرائب التصريح والتسجيل إلكترونيا، في الوقت الذي تتجه كتلك مصالح المحافظة على الأملاك العقارية إلى اعتماد التقييد والتدبير الالكتروني للقضايا والملفات العقارية.
إن المحكمة الإلكترونية التي بشَّر بها مشروع إصلاح منظومة العدالة، لن تكون مجدية أبدا ما دامت إحدى أخطر المهن القانونية غير مستهدفة بالإصلاح العميق، فلا تعرف تطورا ولا تجديدا إلا في اتجاه التعقيد، ومزيدٍ من استلاب حرية العدول، وإخضاعهم للتبعية دون اشتراك في المَغْرَم، مما يتنافى ومطالب الترقية والتأهيل، وتحسين الأداء.
والحاجة ملحة إلى إعادة النظر بعقلانية وتجرد وإنصاف للعدول بمراجعة دقيقة للقانون 16/03 وعلاج جميع مظاهر القصور فيه، وتدارك أوجُه التنافي والوضع الاعتباري الذي يمثله العدول اليوم في المجتمع، والبناء على المكتسبات التي عرفها الهيكل التنظيمي للهيئة الوطنية للعدول، بإضافات نوعية، تعزز المسؤولية القانونية الذاتية عن التوثيق العدلي وممارسيه بكل أبعادها..
وللعلم فإن تعلق رسمية الوثيقة العدلية بخطاب القاضي يضعنا أمام تناقض واقعي غير منطقي من دولة تعلن قيامها على الحق والقانون، بما توصلت إليه من صياغة واعتماد دستور متقدم، وعمل متواصل على تنزيل شروط النزاهة والاستقامة بتأسيس هيئات دستورية متنوعة هدفها إقامة العدل وصيانة الحقوق..
هذا التناقض يتمثل في ترتيب الآثار القانونية على العقود مثل الزواج والطلاق والبيوع وغيرها من العقود بمجرد التلقي والتوقيع لدى العدول، ولا أحد مطلقا ينتظر خطاب القاضي المُضفي للرسمية؛ فالواقع يشهد أن تاريخ التلقي هو المعتبر؛ حيث يدخل الزوجان، وتنفصم الزوجية بالطلاق، وتُحتسب العِدد الشرعية، فيبقى تلقي العدلين حاسما فيما يخص بدء العِدَد وثبوت التوارث، ويقبض البائع ثمن المبيع قبل حيازة المشتري لصك الملكية، ونفس الأمر يقال عن بقية العقود والمعاملات التي توثق من قبل العدول...
وقد أحسن أحد ظرفاء الأساتذة لما وصف المشهد القائم والقاتم، وكتب نداء للمُتزوجين يوصيهم بعدم الدخول حتى يخاطب القاضي، ونبَّه المتفارِقَين بالطلاق على أن العصمة لا تزال قائمة حتى يخاطب القاضي، وطلب عدم الصوم حتى يخاطب القاضي على موجب مراقبة الهلال، وأن البيع غير تام حتى يخاطب القاضي على عقد الشراء، وهكذا...
مسألة أخرى تتفرع عن التمسك بالخطاب هي تعدد تواريخ الوثيقة العدلية؛ " تاريخ التلقي، تاريخ التسجيل، تاريخ التحرير، تاريخ النسخ، وتاريخ الخطاب"؛ كل ذلك يُفقدها القيمة الحقيقية عند التنازع، وترتيب الآثار على المشهود فيه، وعليه فالحاجة ماسة إلى اعتبار تاريخ التلقي فحسب مرتبا لآثار العقود، ومنهيا للخصام، وملزما للأطراف، والمصالح الإدارية المعنية.
وهناك مسوغ آخر لإلغاء خطاب القاضي تقويةً لمركز الوثيقة العدلية بمجرد التلقي، هو أن التلقي من قِبل العدول لم يعُد ـ كما كان تاريخيا ـ نقلا لتصريحات المتعاقدين فقط، أو نيابة عن القاضي في سماع الشهادات وحفظها، بل أصبح توثيقا لالتزامات واتفاقات وعقود بناء على مستندات ووثائق، ووِفق ما تنُص عليه القوانين من شروط وضوابط لمختلف العقود..
إن صنعة التوثيق تطورت بتراكم جهود العدول والتزامهم بالضوابط المهنية، وحرصهم على تضمين البيانات الدقيقة المنصوص عليها في القوانين المنظمة لأنواع العقود من مثل قانون الالتزامات والعقود، ومدونة الحقوق العينية، ومدونة الأسرة، وقوانين العقار والتعمير والكراء والأوقاف والتحفيظ، وغيرها التي تُقِر مساطر وشكليات لا يمكن تجاوزها، وتُحدد آجالا لا يمكن مخالفتها، يضعونها في صيغ وقوالب معبرة عن إرادة المتعاقدين، سالمة من الاحتمال والالتباس؛ وبالتالي فلا خوف من ترك الأمر إليهم مع المراقبة البعدية المتعلقة بالمسؤولية عن العمل كما هو الحال بالنسبة لتصرفات مختلف الهيئات والمؤسسات القانونية..
لقد انعقدت آمال عظيمة على ورش إصلاح منظومة العدالة من أجل تطوير العمل القضائي، وتوفير الأجواء الملائمة الضامنة لجعل القضاء فضاءَ مُتعة للعاملين فيه، يُجسد الجودة والفعالية، ويكون في خدمة المواطن بحق وحقيق، وذلك لا يمكن حصوله إلا إذا تمت مراعاة الظروف التي يشتغل فيها السادة القضاة، واعتبار تعدد المهام التي يتولونها، والوقت الممتد الذي يُمضونَه في معالجة الملفات، وإصدار الأحكام.
في واقع الحال نادرا ما يستقل قاضي التوثيق بمهمة الخطاب، بل يتحمل فضلا عنها مهام أخرى كقاضي الأسرة المكلف بالزواج، وقاضي المحاجير، والبت في قضايا الطلاق، وأحيانا عضوية الجلسات، والإشراف والمتابعة للعمليات الانتخابية بتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية المعنية وغير ذلك..
وفي بعض المحاكم نتيجة للضغط والخصاص، وضعف التوزيع للاختصاصات والمهام عند انعقاد الجمعية العامة، لا تُراعى القدرات العلمية ولا الخبرات المهنية لقاضي التوثيق الذي يُطلب منه إضفاء الصبغة الرسمية على الوثيقة العدلية، حيث يجد نفسه أحيانا مضطرا لتعلم صنعتها من العدول، ويبقى دهرا يتلمس الطريق إلى إدراك كُنْهِهَا، واكتشاف مصطلحها، والاستئناس بصيَّغِها ؟؟
لا يُخفي المنصفون امتعاضهم من استمرار العمل بشكلية فقدت سنَدها المرتبط أساسا بضرورة مجتمعية ارتفعت بارتفاع عِلَّتها، والإبقاءُ عليها إلى الآن حِملٌ يثقل الكاهل؛ لا يحقق عدالةً ولا إنصافًا، بل هو قيدٌ على العدول ينافي مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين مهنيي التوثيق، من حيث سرعة الإنجاز، وتقديم خدمة نوعية للمتعاقدين، في إطار من المسؤولية الكاملة عنها أمام القانون.
كل ذلك وغيره كثير يُلزم هيئتنا بتجديد المطالبة بتصحيح الوضع، والعمل الجاد من أجل تنزيه المنظومة القضائية عن العبث، وتنزيل شعار "القضاء في خدمة المواطن" تنزيلا يجعل الخدمة فخرا، والقطع مع جميع صور التشغيب على المواطنين، بكثرة الإجراءات وتعقيد المساطر، وأن ننهض بالتوثيق العدلي بوصفه ضامنا للحقوق، ومساعدا لإقامة العدل، على أساس من المسؤولية المقترنة بالمحاسبة..
وأخيرا أُجمل بعض دواعي إلغاء خطاب قاضي التوثيق على الرسوم العدلية في المفردات التالية :
- انتفاء المسوغات التاريخية والاعتبارات الشرعية التي حملت على ابتداع خطاب القاضي على الرسوم العدلية.
- القاضي والعدل اليوم يشربان من معين واحد، ويصدران من منهل واحد في ثقافتهما القانونية؛ يمتلكان نفس المؤهلات، ويحملان نفس الشهادات غالبا.
- خطاب القاضي نوع من الوصاية والحجر على العدول، وتبخيس لكفاءاتهم ومؤهلاتهم
- ربط رسمية الرسوم العدلية بالخطاب يؤثر على قانونيةِ بَدْءِ أثر الالتزامات والعقود بين الناس
- الخطاب لا يستجيب لحاجة المتعاقدين إلى إنجاز وثائقهم بالسرعة المعقولة
- التوجه نحو الرقمنة يتنافى وكثرة الإجراءات بين التلقي والخطاب
- خلو الخطاب من المسؤولية عن محتوى الوثيقة يجعله قيدا فاقد الجدوى
- من شأن الخطاب أن يكون دافعا للوقوع في مخالفات قانونية، وتجاوزات مهنية تصيب العدالة في مقتل، تتم بالتواطؤ بين منعدمي الضمير من العدول والقضاة على السواء.
- في الخطاب تمييز ضد العدول، ودعوة غير مباشرة للتعامل مع غيرهم من مهنيي التوثيق.
هذا غيض من فيض نأمل من صياغته، وبثه والصدع به، الوصول إلى إقرار تعديلات حاسمة في بِنيَة القانون 16/03 تحقق العدل والإنصاف لمهنة توصف بأنها حرة وهي راسخة القدمين في الرِّق، ويراد لها أن تبقى بعيدا عن كل تطوير وتجديد يحرر الرِّقابَ من غُلِّ الخطابِ.
الدكتور محمد سالم إنجيه
خريج دار الحديث الحسنية
عدل باستئنافية العيون
وجهة نظر
محمد الخضريالأربعاء 27 مارس 2019 - 19:39
إصلاح التكوين المهني: من أين نبدأ؟
يمكن أيضا تشبيه عملية التكوين بعميلة البناء(وهي بالفعل عملية بناء الإنسان)، هذه الأخيرة تتطلب موادا أولية جيدة وآليات وتقنيات فعالة ثم اليد العاملة المؤهلة.
من خلال هذا التشبيه، يمكن القول بأن جودة التكوين المهني ترتبط ارتباطا وثيقا بالعناصر التالية:
المادة الأولية الخام: لا تكوين دون تعليم جيد.
وهم الوافدون من مدارس وزارة التعليم. فجودة منتوج التكوين المهني ترتبط بمدى قدرة هذا المنتوج على استيعاب محتوى التكوين. فلا يمكن مثلا ( لا على سبيل الحصر) لمن لا يتقن المبادئ الأولية للرياضيات والفيزياء والتحليل أن يتقن تخصصات هندسية أكثر صعوبة. فعندما يكون التلميذ، خريج المدرسة، ذو مستوى ضعيف، فمن المنطقي أن يكون تكوينه أعرجا. وفي هذا الصدد أيضا، يجب اعتماد منظومة توجيه جيدة وفعالة من أجل توجيه صحيح للتلاميذ ومساعدتهم على اختيار التخصصات التي تناسب ميولهم ومؤهلاتهم. فغالبا ما يتم اختيار التخصص ( أو فرضه أحيانا) انطلاقا من رأي الأصدقاء أو الأقارب، والذي يكون مبنيا على الطلب الآني لسوق الشغل ( اختر تلك الشعبة فهي مطلوبة ) بغض النظر عن مؤهلات وميول التلميذ إلى هذا التخصص وبإغفال تام لتقلبات سوق الشغل.
وفي هذا الصدد، يجب اعتماد منظومة توجيه ناجعة تساعد التلاميذ على اختيار التخصصات المناسبة عبر شرح كل ما يتعلق بها واستكشاف ميول التلميذ. ويمكن الاعتماد على الوسائل الإعلانية وتنظيم زيارات لمعاهد التكوين وإلى الشركات المحلية. يجب أيضا إدراج مادة تعنى بالتوجيه واستكشاف المهن حتى لا نترك التلميذ تائها في بحر من التخصصات لا يعلم عنها شيئا.
وبحكم أن جل التخصصات تعتمد على اللغات الأجنبية، فإتقان هذه الأخيرة في المدرسة سيكون مطلبا أساسيا من أجل تكوين جيد وناجع.
استنتاج: تجهيز وإعداد المادة الخام يجب أن يتم في المدرسة عبر إصلاح التعليم باعتماد الوسائل البيداغوجية الحديثة بالإضافة إلى اعتماد منظومة توجيهية ناجعة تساعد التلاميذ على اختيار التخصصات المناسبة لميولاتهم ومؤهلاتهم.
محتوى التكوين :
في هذا الباب، يجب تحديث برامج التكوين وإحداث تخصصات جديدة لتواكب التطور التكنولوجي وهذا يدخل في إطار " هندسة التكوين". هذه المراجعة يجب أن تكون بشكل سنوي عبر إشراك المقاولات لتحديد متطلبات سوق الشغل وإدماج التطورات التكنولوجية في مقررات التكوين.
ولا يجب أن نغفل في هذا الصدد بأن محتوى التكوين يجب أن يكون مناسبا لمستوى المتدربين. فأحيانا نحاول تلقين موادا في مستوى التقني بينما يجد فيها المهندسون صعوبات جمة لاستيعابها ونكون بذلك قد أهدرنا وقتا وجهدا كبيرين.
إن هندسة التكوين تعتبر حلقة مهمة جدا من أجل تبسيط وتحديث محتوى التكوين وجعله مناسبا لمستوى المتدربين عبر الجمع بين ما هو نظري وما هو تطبيقي.
فضاء التكوين:
من أجل تكوين جيد وفعال، يجب تجهيز فضاء التكوين بكل الوسائل البيداغوجية الحديثة وتوفير المواد الأولية اللازمة للتكوين بعيدا عن سياسة التقشف، التي لن تجدي نفعا. فتكوين الشباب أولوية كبرى يجب أن توضع لأجلها كل الوسائل الضرورية خاصة فيما يتعلق بالتجهيزات. فأحيانا يتم بناء معهد بملايين الدراهم ثم نتقشف في تجهيزه الذي لن يكلف كثيرا.
يجب إعادة الاعتبار للمؤسسة التكوينية ، التي تمثل المصنع والمشتل، إن نحن فعلا نريد إصلاح التكوين المهني.
قد تكون المقاولة أيضا فضاء للتكوين في نظام التكوين بالتناوب، وهذا يستوجب أن تكون متوفرة على التجهيزات الضرورية لتمكين المتدرب من اكتساب بعض المهارات بالإضافة إلى توفرها على الكفاءة المناسبة لمساعدة المتدرب على ذلك. وفي هذا الصدد، لا بد أن نتوفر على مقاولات مواطنة تساهم في تكوين الشباب مادامت هي التي تستفيد من الكفاءات المكونة.
الموارد البشرية:
مهما وفرنا من برامج تكوين متطورة، فلا يمكن تلقينها إلا بوجود موارد بشرية ذات كفاءة عالية. فالحلقة الأقوى في هذه المنظومة والتي يجب أن تعطى لها أهمية كبرى هو " المكون" و " مدير معهد التكوين" وكذا الأشخاص المكلفين بتسيير شؤون المتدربين. هؤلاء يجب تحفيزهم وتوفير الظروف الملائمة للاشتغال من أجل تشجيعهم على العطاء والإبداع.
ومن بين الإشكالات المرتبطة بهذه الموارد، وخلافا لقطاع التعليم الذي يتوفر على مدارس لتكوين المعلمين والأساتذة، لا يتوفر قطاع التكوين المهني على هذه المدارس حيث يعتمد توظيف التقنيين والمجازين والمهندسين الذين يتوفرون على تجربة مهنية ثم يخضعون إلى تكوين قصير في الشق البيداغوجي. كما يتم الاعتماد أيضا على المكونين العرضيين الذين يشتغلون في المقاولات والمؤسسات العمومية والذين لم يسبق لهم أن خضعوا لتكوين بيداغوجي. فمهنة التكوين ليست بالسهولة التي قد يتصورها البعض. فهي مزيج من الكفاءة التقنية وفن التواصل وفن التلقين وفن التعامل مع المتدربين.
في هذا الصدد، وجب أيضا إخضاع المكونين وكل الأطر التربوية لتكوين مستمر داخل وخارج أرض الوطن ليسايروا التطورات الحديثة في مجالات التكوين والتسيير والتدبير.
استنتاج: لا يمكن تصور أي إصلاح دون الاهتمام بالمكون ومدير المؤسسة التكوينية ومسيري شؤون المتدربين ، هذه الأطر التربوية والتكوينية وجب تحفيزها عبر حفظ كرامتها واعتماد قوانين أساسية تدبر مسارها المهني بشكل يشجعها على البذل والعطاء في جو من الشفافية بعيدا عن الانتماء النقابي والحزبي. يجب أن يكون الجميع في خدمة هؤلاء الذين يشتغلون في المؤسسات التكوينية والذين يحتكون يوما بالعنصر الأساسي في المنظومة وهو " المتدرب ".
ما بعد التكوين:
لا يمكن تكوين الشباب دون أن نوفر لهم شغلا يحفظ كرامتهم. وهذا يرتبط بمدى قدرة النسيج الاقتصادي على امتصاص الخريجين الذين يتضاعفون كل سنة. لذا يجب أن يكون التكوين مرتبطا بمتطلبات سوق الشغل، ويجب أيضا تشجيع الشباب على خلق المقاولات عبر تسهيل المساطر ومواكبتهم بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للخريجين لمتابعة دراستهم دون تعقيدات، ولم لا جعل الإجازة المهنية والماستر المهني من اختصاص معاهد التكوين المهني بعد توفير الموارد لذلك.
إن مشكل البطالة مرتبط أساسا ب بجشع الباطرونا ، التي تفكر في الربح السريع ، فتجد مثلا أوراشا تستخدم نصف او ربع العدد الكافي من اليد العاملة التقنية ، بالإضافة إلى ضعف مراقبة الدولة والتساهل في تطبيق مدونة الشغل لحماية المستخدمين. فقد تجد مقاولات تشغل عددا كبيرا من المتدربين الخريجين، يقومون بكل شيء لكنهم لا يتقاضون أجرا مقابل عملهم ثم تعمد إلى تغييرهم بمتدربين آخرين في تحايل واضح على مدونة الشغل.
خلاصة: إن إصلاح التكوين المهني يمر عبر توفير الظروف الملائمة في المراحل الثلاثة التالية:
قبل التكوين عبر منظومة توجيه ناجعة تساعد الشباب على اختيار مجال التكوين المناسب
أثناء التكوين عبر جعل مؤسسة التكوين الحلقة الأهم وإعطاء الأولوية للأطر المشتغلة داخلها دون إغفال دور المقاولة المواطنة في استكمال تكوين الشباب عبر عقد شراكات مع القطاع الخاص.
بعد التكوين عبر تشجيع الشباب على خلق المقاولات وإصلاح مدونة الشغل بما يحفظ حقوق الخريجين في عمل قار وحمايتهم من الاستغلال كمتدربين بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمامهم لاستكمال تكوينهم في مسارات مهنية أعلى
وجهة نظر
البشير أيت سليمانالأربعاء 27 مارس 2019 - 12:58
التوظيف بالتعاقد.. من أجل التجاوز
عرض الوزارة في اجتماع مع النقابات ليوم الاثنين 25 مارس، لم يجب عن المطلب الجوهري في القضية ألا وهو الادماج المباشر في النظام الأساسي القائم، واقترحت صيغةجديدةممثلة في"إمكانيةإصدارالقانونالأساسيلأساتذةالأكاديميات،عنطريقمرسوموليسفقطمنخلالقرارللأكاديميات".
وإذا كان هذا حق الادماج مكفول قانونيا ودستوريا وأخلاقيا، فإن الإدارة الحكومية المكلفة بتدبيرالقطاع لا تزال متشبثة بموقفها المتمثل في ما أسمته "الترسيم مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من خلال بالتوظيف الجهوي". كما شهدت الأيام الماضية التحاق الموظفينالمرسمين بإضراب الأساتذة "المتعاقدين".
إن الدولة، ممثلة في وزارة التربية الوطنية،ومن حيث لم ينتبه مسؤولوها، أضافت فئة أخرى للفئات المتضررة قوامها 70 ألفا من الأستاذات والأساتذة، إلى لائحة الفئات المتضررة، والتي عمرت طويلا مثل وضعية أساتذة الزنزانة 9، ووضعية ضحايا النظامين الأساسيين 2003-1985، واللائحة طويلة.
ومن خلال بحثنا على أصل القضية وجدنا أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين لسنة 1999 نص في المادة 135 على "مبدأ التعاقد" في قطاع التربية والتكوين بالقول "يسمح بمزاولة مهمة مرب أو مدرس لمن توافرت فيه الشروط التي تحددها السلطات المشرفة على التربيةوالتكوين، ويراعى في تحديد إطارات توظيف المدرس مبدأ الحفاظ على جودة التأطير في جميع المستويات. ويتم تنويع أوضاع المدرسين الجدد من الآن فصاعدا بما في ذلك اللجوء إلى التعاقد على مدد زمنية تدريجية قابلة للتجديد، على صعيد المؤسسات والأقاليم والجهات، وفق القوانين الجاري بها العمل".
ونص الميثاق كذلك في المادة 146 أنه "على صعيد الجهة، تتم إعادة هيكلة نظام الأكاديميات الحالية وتوسيعها لتصبح سلطة جهوية للتربية والتكوين، لامتمركزة ومزودة بالموارد المادية والبشرية الفعالة, لتضطلع بالاختصاصات الموكولة للمستوى الجهوي بمقتضى المادة 162 من الميثاق، ومنها الاضطلاع بتدبير الموارد البشرية على مستوى الجهة، بما في ذلك التوظيف والتعيين والتقويم".
وبالعودة إلى مبرر لجوء الدولة لهذا النوع من التوظيف نجد أن تصريحات المسؤولين تسير في اتجاه الرغبة في سد الخصاص في عدد المدرسين نتيجة الاحالة على التقاعد، وبسبب مغادرة عدد هائل من المدرسين للوظيفة العمومية بشكل طوعي، حيث تورد إحصائيات رسمية، أن المعدل السنوي لعدد الموظفين المتقاعدين يصل إلى 12 ألفا و389 موظفا، في حين ينتظر أن يحال على المعاش بين 2017 و2025، أكثر من 125 ألفا، إما بسبب السن أو التقاعد النسبي، وأن يزيد المتوسط السنوي للمغادرين إلى 13 ألفا و900 موظف سنويا في سنة 2019.كل هذه الأرقام أنتجها سوء تدبير الموارد البشرية المكلفة بمهمة التدريس، عبر قرارات ارتجالية، أبرزها قرار المغادرة الطوعية التي استنزفت الموارد البشرية للوظيفة العمومية.
خطيئة التوظيف بالتعاقد تتكرر مرة أخرى في مشروع قانون الإطاررقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي الموضوع في البرلمان للمناقشة والتصويت، والمتضمن 10 أبواب و57 مادة. ففي الفقرة الثانية من المادة 38 من الباب السادسالخاصبتدبير الموارد البشرية، نجد الفقرة التالية "يتعين من أجل تمكين منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي من الموارد البشرية المؤهلة الاستجابة لحاجاتها من الأطر تنويع طرق التوظيف والتشغيل لولوج مختلف الفئات المهنية، بما فيها آلية التعاقد". وهيئة التدريس تدخل حسب المشروع ضمن الفئات المهنية المعنية بهذا النوع من التوظيف.
أما اليوم وقد صار أمر توظيف أربعة أفواج متتالية بالعقدة واقعا، يستدعي من الجميع وقفة جريئة لتجاوز الارتجال في تدبير الموارد البشرية بالقطاع، خاصة الشق المتعلق بالتوظيف. والتفكير في صيغ جديدة لتجاوز مشكل الاكتظاظ في الأقسام، والذيعبر وقف هذا النوع من التوظيف بشكل نهائي، لأنه كلما ازدادت الأفواج ازدادت معها معاناة المدرسة العمومية، مع وضع سقف زمني لإدماج هؤلاء عبر دفعات، مع إعطاء ضمانات قانونية وأخلاقية لعودة هؤلاء لأقسامهم وأداء أدوارهم الطبيعية في المدارس. مع مراجعة المواد التي تلزم الأكاديميات في الميثاق باللجوء إلى هذا النوع من التوظيف بشكل كلي، وحذف الفقرة السالفة الذكر في مشروع قانون الاطار لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
* إطار تربوي
وجهة نظر
محمد غازيالثلاثاء 26 مارس 2019 - 18:53
إنهـــا مـــُلهمتي..
صديقي الافتراضي الصحفي المتألق "أنس رضوان " ناشر القصة كان هو نفسه موجه الشابة الطموحة ودالُّها، فقد وجدت نفسي أقرأ تدوينته مرات ومرات، كأنني أحاول بلا شعور حفظ هذه القصة، أو نقش حروفها واحدا واحدا في ذهني وعقلي، كأنها معجزة مستحيلة الحدوث في زمن لا يعترف بالخوارق ولا يؤمن بالمعجزات، زمن نذرت فيه الكرامات الجليلة، وقلّت فيه الحكايات الجميلة.
مُلهِتمنا شابة في مقتبل عمرها، اختارت بسبب اليتم إضافة إلى تحملها عبء رعاية أخويها الصغيرين، ترك دراستها والاشتغال عاملة نظافة صباحاً، وفي المساء نادلة بإحدى المطاعم يقول صديقنا الافتراضي، غير أن حلمها في التعلم والحصول على الماستر في الاقتصاد، دفعها إلى التفكير في عرض معضلتها على صديقنا الذي نصحها بتعلم اللغة الفرنسية أولا، لتطوير نفسها ولم لا الحصول على وظيفة مدرة للدخل وتحسين ظروفها الاجتماعية بعد ذلك.
من هنا بدأ نجم صاحبتنا في البروز، فقد عجَّلت بالتسجيل وتلقي دروس الفرنسية، وبجدية بالغة واصلت التهام الجرائد والمجلات الفرنسية وتفكيك مصطلحاتها الغامضة، حتى أصبحت من الفاهمين العارفين، وواصلت طريقها نحو القمة بالبحث عن عمل جديد بعد أن تم رفضها من عملها الأول بسبب انكبابها على قراءة القصص والمجلات، فلم يتقبل مشغلها التزامها بحضور حصص التعليم، ولم يتحمل رؤيتها وهي تقلب الكتاب وتلتهم ما فيه عوض غسل الأواني وتنظيف المرافق، هكذا دفعت الثمن مسبقا، في سبيل تغيير مسار حياتها وتحقيق حلمها الذي سيسير نحوها طائعا بإذن ربها الذي منحها الصبر والعزيمة القوية.
يروي صديقنا الصحفي، أن الشابة الملهمة تمكنت من مواصلة تعلم لغة "مولير"، حتى أتقنتها، كما تمكنت من الحصول على شهادة الباكالوريا كطالبة حرة، مكنتها من ولوج الجامعة والترقي في مدارجها في طريق تحقيق حلمها الأكبر.
حصلت صديقتنا على وظيفة جديدة في إحدى مراكز النداء وتمكنت من الحصول على راتب أفضل أضعافا من الذي كانت تحصل عليه، ستعرف كما حكت بلسانها لصديقنا لأول مرة ما هو الحساب البنكي، وستُدخل بيتها أول مرة أيضا بعض الأطعمة والفواكه التي كانت في السابق تكتفي بالنظر إليها من بعيد.
كم هو مؤلم هذا الجزء بالضبط من القصة، حيث ستتمكن رفقة أخويها لأول مرة من مغازلة الموز ودانون والحليب، أصبحت وأخويها يلبسون اللباس الحسن ويُحَسِّنُون حياتهم شيئا فشيئا، حياتهم بدأت في التغيير، إنها حقا مرحلة مؤثرة في هذا الفصل من فصول قصتنا النادرة، "شفت أن حياتي تبدلات كاملة، وليت أنا وخوتي كنلبسو مزيان كناكلو مزيان، وأول مرة في حياتنا ولا كيدخل البنان ودانون والحليب لدارنا.."
عندما حصلت شابتنا على شهادة الباكالوريا فرحت كثيرا، زغردت، وصاحت، قفزت وعانقت أخويها كما لم تفعل من قبل، اشترت اللحم، وأولمت أخويها والجيران، ولأول مرة كما تحكي تناولت الأناناس، وأحست أنها إنسانة كالناس، ومواطنة على قيد الحياة، غادرت الموت وطلقت البؤس، وانطلقت نحو المجد.
مثل هؤلاء الأشخاص يستحقون التكريم والتعظيم، فبينما أدار لهم المجتمع ظهره، قرروا هم تحدي العجز ومقارعة الصعاب، والتصدي للحرمان، بصدور عارية صامدة قرروا النضال من أجل لقمة العيش ومن أجل غد أفضل.
قصة هذه الشابة التي اخترتُ لها كعنوان "إنها ملهمتي"، فعلا قصة ملهمة تأثرتُ بها أيما تأثُّر، انسكبت دموعي وأنا أكرر قراءتها، تألمت كثيرا، أوجعني وجود هؤلاء بيننا، بينما يرمي الأثرياء والأغبياء ما فضل عنهم مما لذ وطاب من أطعمة وأغذية، يوجد بيننا من لم يتذوق "البنان" ولم يتلمس الحنان، تستحق هذه القصة في رأيي المتواضع أن تدرس في المؤسسات، أن تنشرها الجرائد، وتستحق هذه السيدة الشريفة ميدالية الخلد وجائزة الشرف.
مثل هؤلاء العظام يستحقون التقدير والتقديم من الأمة في كل المناسبات، تستحق قصصهم أن تروى في المدارس على الأطفال، كل الأطفال، البؤساء منهم وأبناء الأثرياء، لعل هؤلاء يشقون طريقهم بطموح الجبال، ويحمد أولاء ربهم على نعمة الأبوة والثراء.
يختم صديقنا روايته بحكمة بالغة على لسان الشابة الملهمة نفسها: "ما عمرني ننسى فاش قلت لي: حنا غادين نموتو غادين نموتو، اللهم نموت وحنا كنحاول نعيش، ولا نموت وأنا مدفون تحت السباط.."
ما أجلها من حكمة وما أعذبها من كلمات
وجهة نظر
بوشعيب دوالكيفلالثلاثاء 26 مارس 2019 - 12:09
دونالد ترامب والجولان وزمن الكوبويفي السياسة الدولية
وحتى وهو في البيت الأبيض لم يخرج دونالدترامب من تقمصه لأدواره السابقة في تلفزات الواقع حيث ترعرع وأدمنها بقوة، بحيث لم يخرج بعد من جلباب الأستوديوهاتالتلفزية، وهذا ما تعكسه وقفاته أو جلساته أمام الكاميرات وهو في البيت الأبيض يوقع بقلمه قرارات ظالمة لشعوبلم يكن يعرفها قبل اقتحامه للبيت الأبيض، أو يستقبل من يشاء، أو في زيارات هنا وهناك داخل بلاده أو خارجها في ضيافة مسؤولين عبر خريطة العالم. وآخر ما اقترفه ترسيم إلحاق الجولان بإسرائيل وقبله الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ضدا على قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
من يتابع خرجات الرئيس 45 للولايات المتحدة الأمريكية، لابد وأن يتذكر حقبة من تاريخ البلاد، وخاصة زمن الكوبوي ( Cowboy / رعاة البقر) الذي خلدته السينما الأمريكية منذ عقود ولها أبطالها ذوو الشهرة العالمية الواسعة والموسيقىالخاصةبها، كما أن لها عشاق لهذا النوع من الأفلام،وهم كثيرون عبر العالم ومنهم رؤساء دول ومسؤولون لم يخفوا ذلك عن العالم، ومن ضمنهم مسؤولون أمريكيون افتتنوا بالكوبوي ومارسوه بعد أن استلهموا قواعده التي قام عليها الكوبوي ومنهم هنري كيسينجر، أحد أشهر وزراء الخارجية الأمريكان. ومنهم البطل السينمائي كلينتإيستود الذي انتقل من الشاشة الكبيرة إلى تقلد مهام على رأس إحدى الولايات الأمريكية، وقبله تقلد رونالد ريغن شؤون البيت الأبيض واشتهر بالعدوان الذي أعطى أوامره ضد ليبيا في عهد القدافي، وقد أدى ريغن أدوارا قليلة في أفلام لرعاة البقر...
دونالد ترامب عاد، مع سبق الإصرار والترصد، إلى خروقاته للقانون الدولي حين وقع مرسوما أمريكيا، يشرعن قضية احتلال قال فيها القانون الدولي عبر قرارات واضحة ومشروعة للأمم المتحدة بخصوص جزء لا يتجزأ من أرض سوريا احتلتها إسرائيل سنة 1967، وضمتها خارج القانون الدولي ولو تعترف بها الشرعية الدولية أبدا، لكن دونالد ترامب أعطى لنفسه حق الاعتراف بتسويغ فعل غير مشروع وممنوع بالقانون الدولي في خرق واضح للشرعية الدولية وتحدي صلف للأمم المتحدة ومن خلالها للعالم أجمع وللشعب السوري الذي لم يخرج بعدُ من مأساته المتفجرة منذ 2011، ألم يكفِ ترامب ما عاناه السوريون ليضيف خنجره إلى خاصرة سوريا بإسباغه شرعيته الخاصة على اغتصاب جزء من مرتفعات الجولان الجزء الذي لا يتجزأ من تراب سوريا.
إن مرسوم ترامب الذي يُشرعن ضم إسرائيل للجولان فضلا عن خرقه للشرعية الدولية هو مصادرة لحق الشعب السوري في وحدة أراضيه وفي استرجاع جزء منها يُقره القانون الدولي وقرارات عدة للأمم المتحدة وضمنها مجلس الأمن الدولي.
إن ما قام به ترامب هو انتهاز للفرصة التي يتيحها له الوضع الدولي المُتسم بكثير من الفوضى التي من مظاهرها إضعاف الأمم المتحدة وتجريدها من السلط والاختصاصات التي يخولها لها ميثاقها الذي اعتُمِد بعد حربين عالميتين مدمرتين وداميتين، أعادا صياغة خارطة العالم وترسيمها عبر عقود باتفاقيات وتسويات متنوعة.
وما يقوم به الرئيس الأمريكي الحالي مناقض تماما وبشكل صارخ للشرعية الدولية ولحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وحماية حقوقها وحدودها وسيادتها.
بيني وبينكم ألا يذكركم Donald Trump بشخصية "ليك إي ليك" Lucky Lukeالذي يسبق ظله في إطلاق النار، على خطى الكوبوي الشرير الذي يبادر دائما إلى إطلاق النار (والشرّ حسب الأسطورة هو الفشل في مقاومة الغواية، وفقدان السيطرة على النفس). والشرير أيضابهذا المنطق هو الذي يفقد السيطرة على نفسه، ويطلق النار لأنه يحب الدم، حيث أن الكوبوي لا يصير عالميا إلا بعد الركوب على حصانه وقتل الهنود الحمر. وتصرفات دونالد ترامب محاكاة لشخصية "ليكإيليك" لكن بشكل مدمر يفتح أبواب الجحيم على العالم قاطبة، لكن ما يهم ترامب حاليا هو دعم حليفه وشريكه بنيامين نتنياهو في انتخابات الكنيسيت ومواصلة شراكته معه في تطبيق المخططات الأمريكية في المنطقة على حساب شعوبها وترواثها التي فوق الأرض وتحتها.
وختاما يجدر التذكير أن إضعاف أدوار الأمم المتحدة، التي يتحداها ترامب يوميا بقراراته الخرقاء، قديم حيث يعود إلى عقدين من الزمن، ويتم حاليا جني ثمرات تهميش الأمم المتحدة وتجريدها من مهامها في حفظ السلم والأمن الدوليين، وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط التي "طحنها" ترامب بقراراته التي تهم وضع القدس والجولان، تتحمل فيه دول المنطقة وحكامها مسؤولية مباشرة سهلت على ترامب تنفيذ مؤامراته التي انطلقت بإصرار وترصد. ثم إن المشكلة الفلسطينية ازدادت معاناتها خلال العقود الأخيرة عندما سُلب الملف من الأمم المتحدة وتحول إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف لجنة رباعية ثم إلى مفاوضات ثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين أي بين الضحية والجلاد، بين الذئب والحمل، بين شعب أعزل وأحد أقوى جيوش العالم تسليحا وأكثرهم بطشا وحشية وخرقا وتجاوز اللقانون الدولي الإنساني دون محاسبة ومع إفلات منهجي من المساءلة، وحماية دبلوماسية أمريكية ممنهجة ومستدامة ( وآخر الجرائم هي القتل المباشر للمتظاهرين الفلسطينيين العُزل المشاركين في مسيرات العودة، التي أقفلت سنتها الأولى).
وبالرجوع إلى قرارات مجلس الأمن لحل النزاع وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه نجد تراكما للقرارات في غياب أي تنفيذ بل تنصل إسرائيلي يتحدى العالم ويحضى بتغطية أمريكية دائمة، والقراررقم 242 الصادرفيسنة 1967 كنتيجة لاحتلال إسرائيل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وغزة وسيناء حيث ورد فيه ضرورة انسحاب القوات المحتلة من الأراضي التي احتلتها إبان عدوان 1967.
وما دمنا بصدد مرسوم ترامب الذي يُشرعِن احتلال الجولان من لدن إسرائيل، ويعد دعما مباشرا لبنيامين نتنياهو عشية انتخابات إسرائيلية، يجدر التذكير بالقراررقم 497 بتاريخ 17 دجنبر1981، الذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان بحكم الأمر الواقع.
فالقرار أشار بصورة لا لبس فيها إلى عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قرار ضم الجولان. لذا فإن مرسوم ترامب خرق صارخ للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة مما يستدعي محاسبته ومساءلته وترتيب الآثار القانونية الدولية ذات الصلة به.
وجهة نظر
أسامة خضراويالجمعة 22 مارس 2019 - 16:30
هل يعرف الجيل الجديد الطيب الصديقي؟
الطيب، بحبه وولعه للمسرح علم أجيالا وترك ذاكرة مسرحية ليست بالهينة، لأنه نذر حياته للفن والثقافة بصفة عامة والمسرحالمغربي بصفة خاصة، مستلهما مواضيعه من مكونات التراث الشعبي بمختلف أنماطه(الملحون، الحكاية، الأمثال، الحكم، الألغاز..).
فهل يعرف الجيل الجديد أن الطيب الصديقي رحمه الله ساهم في التعريف بالمسرح المغربي وأضفى عليه طابع العالمية، بهويته المغربية وخصوصية الشعبية التراثية، ابن مدينة الصويرة المزداد بتاريخ 27 دجنبر 1938م، اشتغل ممثلا وسينمائيا وفنانا تشكيليا وشكل عدة فرق مسرحية وتولى منصب مدير فني للمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، ثم مدير المسرح البلدي بالدار البيضاء (1965/1977) وعين لسنتين وزيرا للسياحة (1980/1982).
اقتبس الصديقي وترجمة أكثر من ثلاثين عملا دراميا، ودون أكثر من ثلاثين نصاً مسرحياً باللغتين العربية والفرنسية، ومثل في العديد من الأفلام العالمية أبرزها فيلم "الرسالة"، ومن أشهر أعماله المسرحية "مقامات بديع الزمان الهمداني"، و"سلطان الطلبة"، و"ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب"، و"مسرحية مولاي إدريس ومسرحية عزيزي"، ومسرحية "بين يوم وليلة" لتوفيق الحكيم، ومسرحية "المفتش".
ومسرحية "الجنس اللطيف" المقتبسة عن أريستوفان، ومسرحية "الحسناء" التي اقتبسها الصديقي عن "أسطورة ليدي كوديفا" لجانكانول، ثم "رحلة شونغلي" لساشاكيتري، و"مولاة الفندق" المقتبسة عن "اللوكانديرة" لكولدوني، ومسرحية "الحراز" التي تعتبر من روائع الإرث المسرحي المغربي، التي جمعت بين الطيب الصديقي والمرحوم عبد السلام الشرايبي.
فهل يعرف الجيل الجديد الطيب الصديقي الذي أتمنى أن يبنى مسرح في ويسمى باسمه، لأنه أعطى الكثير للمسرح المغربي هو وزملائه أحمد الطيب لعلج، ومحمد سعيد عفيفي، مصطفى سلامات، محمد مفتاح، الشعيبية العضراوي،ونعيمة لمشرقي وثريا جبران وحسن الجندي والقائمة طويلة، هؤلاء تركوا لنا إرثا مسرحيا، وجب أن نفتخر به ونحرص على إيصاله للأجيال الصاعدة.
فهل تنبعث روح الصديقي من جديد، لميلاد مسرح مغربي نحتاجه اليوم أكثر من الماضي؟
باحث في التراث الشعبي
وجهة نظر
حفيظ زرزانالخميس 21 مارس 2019 - 17:54
التعاقد والتعليم بالمغرب
عشرات الملفات لأصحاب الشواهد والدكاترة، والمظلومين والمحرومين، واتفاقات لا تنفذ، وعشرات الاختلاسات والإخفاقات في البرامج والمبادرات، ولازال التعليم المغربي يعيش الكارثة وفاشلا كما أعلن المجلس الأعلى نفسه كمؤسسة رسمية عن ذلك أكثر من مرة..ليست هي أزمة لغة وهوية فقط، كما يتقاذف الناس، هو تيهان ومعضلة إرادة عامة!
من الناحية المادية مثلا، ضوعفت أجور الجيش والشرطة ومندوبي السجون، حيث يصل مرتب مرب ممتاز بإدارة منها، بالإضافة إلى التعويضات بالسلم التاسع، إلى ما يقارب 10 آلاف درهم حسب آخر تعديل ومرسوم وقعه رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بنكيران. فتقارنه بأستاذ من نفس السلم "9"، فلا تكاد تجد حتى نصف الأجر!
وبين إرادة تشجع وتزيد من عدد السجون والأمن والعسكر وباقي الأجهزة التابعة للدولة، وتحتقر الأستاذ وتنزله إلى تحت بكل فرصة، تتضح الإرادة الرسمية واتجاهها..ليس نكاية أو تنقيصا من أجهزة ضرورية في بناء الدولة الحديثة، ولكن في التوازن العام للوظائف والأجور وأهمية كل قطاع وحساسيته بالمقارنة مع تجارب حديثة، أعطت لكل مجال رجالاته ومكانته وما يناسبه من تحفيز وكفاءة ومكافأة وترقية وما إلى ذلك من نظم. وهل إذا احتقرت أمة التعليم والتربية كمحور لكل الوظائف والأطر والكفاءات والأطر والخبرات والطاقات، ستعول على انبعاث في صفوفها ورجالاتها ومؤسساتها؟!
إذا نظرنا إلى كاسترو، أو إلى جول فري بفرنسا، وإلى نهضة اليابان أو ماليزيا أو ألمانيا، أو كوريا الجنوبية أو الجارة إسبانيا فيما وصلوه، نجد الفرق الكبير، لا من حيث مرتبة رجل وسيدة التربية والتعليم، أو الوسائل والتحفيزات والصرامة في الأنظمة والبرامج والميزانيات، أو التكريم وتعظيم مكانة العلم والمعلمين هناك، أو وسائل الحسبة والمراقبة والعقاب وضبط الاختلالات والاختلاسات.
المعلم في المدرسة اللائكية بشكل عام محور الحياة، بمكانة اجتماعية عالية ومشرفة، معظمة ومكرمة، ومركز إشعاع ونشاط الحي والقرية والمدينة ومحطة ضوء ثقافي وعامل توعية سياسية ومحرك تغيير. بالمقابل يخشى منه بدولنا المستبدة ولما نعرفه جميعا يقزم واليوم لا يرسم!
في بلدنا الحبيب الأستاذ تسفيها وتنكيتا واحتقارا أسفل سافلين، تحول مع مرور الأيام والأعوام إلى طالب حوالة لا رسالة، فضاعت القيم وتم قتل النموذج في نفوس الناشئة، وشجعت السفاهة والتفاهة وفتحت الأبواب على مصراعيها للظواهر الغريبة والحالات الشاذة وحورب المتفوقون الحقيقيون وهبط الجو العام وأحبط الابتكار وروح المبادرة وتميع المشهد الإعلامي، ليصل أدنى دركاته.
ويكتفي البعض بتشجيع المخبولين والحمقى والتائهين التافهين دون أن ينتبه إلى خطورة ذلك على المجتمع.
سفه المربون وحوربوا، فذهبت آداب العلم والتعلم بين مكونات العملية التربوية وتسيب الفضاء التعليمي بشكل أصبحنا نسمع معه أن المخدرات تباع بجنبات المؤسسات التعليمية، وعن ظواهر هستيريا جماعية لم يكشف عن أسبابها ولا عولجت لحد الآن بين صفوف التلميذات، وعن ممارسات وسلوكات داخل وخارج الأقسام، وعن قصات غريبة وأزياء وأدواء، فأين الدواء؟ أي اختيار يحررنا؟ وأي إرادة؟
التوقير والحب والتبجيل تحية واجبة على المتعلم إزاء المعلم، والرفق والنصيحة والرحمة والمحبة واحترام الشخصية حقه المصان عند الأستاذ.
لا يمكن أن يعول الناس على إنسان ضيقت وغيبت كل الخيارات أمامه، وأتى إلى التربية والتعليم هربا من البطالة أن يصنع الفارق والتميز المراد. ويستحيل أن تطلب من فاقد للكرامة، وللاستقرار والاستمرار في ظل التعاقد المفروض، ثم ضحية للطاحونة المجتمعية، وغياب العدل في فرص الشغل أن يهنأ له البال ويفكر في الأجيال !
أستاذ رهين بالمعاش لا فائدة منه، فقد خدش المال قيمته الاجتماعية والاعتبارية والتربوية، فلا شك قد تصدر منه ممارسات يبحث من خلالها عن تحسين وضعه.
ووجدت الدولة عبر الأكاديميات سبعين ألف أجر شهري بالتعاقد، ولا تستطيع أن تحوله إلى منصب مالي وطني قار بضماناته القانونية بوزارة المالية؟
والعجب أنهم وجدوا معاشات استثنائية وريعا للوزراء والخبراء والكبراء والأمراء، لكنهم لا يجدون للمعلم أجرته القارة! صفقات وملايير تنهب وتوزع بشكل سمين على اليمين، والشمال بإفريقيا بسخاء وغباء..ولم يجدوا منها أجور أوتاد البلد ومربيه وعقوله ومعلميه على زهادتها وقلتها!